السبت، 10 يناير 2009

قصة قصيرة لبسنت عادل - و تمضى الايام

و تمضى الايام

سميحة فتاة جميلة، بيضاء الوجه، شقراء الشعر،ممشوقة القوام وممتلئة قليلاً ذات طبيعة مرحة ونشيطة واجتماعية ودمثة الخلق وهادئة الطباع. استيقظت سميحة من نومها مبكراً كعادتها فى كل صباح وبدأت تمارس كل ما تفعله منذ عدة سنوات. فكانت كل يوم، تستعد لكى تذهب إلى العمل وكانت لا تتناول وجبة الافطار وتكتفى بتناول كوب من الشاى وهى عادة سيئة،حاولت مراراً أن تتخلص منها ولم تفلح ثم ترتدى ملابسها و تستعد بالخروج بعد الاتمام على كل شىء فىالمنزل.فهى تعيش بمفردها منذ زمن طويل بعد وفاة والدايها و زواج اخواتها،فلم يبقى لها سوى أن تعيش بمفردها مع وحدتها. و كان مقر عملها يقع بعيداً عن منزلها ولا تمتلك سيارة خاصة مما يضطرها الى استقلال وسائل المواصلات وكان هذا يعرضها لكثير من المضايقات والمعاكسات. عندما وصلت إلى عملها فى هذا اليوم،وجدت زملائها يتصرفون بشكل غريب: فمنهم من يتهامسون فيما بينهم،منهم من ينظرون اليها بشفقة ومنهم من يحملون الهدايا. واخذت سميحة تعمل بجد ومرح و حماس كعادتها، مما كان يضفى على فترة العمل جواً من البهجة والسعادة.
و فى نهاية اليوم،عندما همت بالانصراف،استوقفها بعض زملائها واخذوا يهنئونها بعيد ميلادها و يعطونها الهدايا.فنظرت إلى التقويم المعلق على الحائط بتأمل وتذكرت أن اليوم هو يوم مولدها. وفى هذه اللحظة، احست بتقدير من زملائها فدمعت عيناها. وبعد انتهاء الاحتفال وانصرافها من العمل، لم تعد الى المنزل كعادتها وانما ذهبت إلى الاماكن التى كانت تتردد عليها.فوقفت تتأمل واجهات الحوانيت التى اعتدت أن تبتاع منها ملابسها وواجهات المكتبات التى كانت تبتاع منها الكتب وتتذكر حياتها السابقة عندما كانت ممتلئة بالحركة واخواتها ووالدايها معها. وهى الان وحيدة، يتذكرها اخواتها قليلاً بزيارة كل شهر أو شهرين أو بمكالمة هاتفية كل اسبوع أو اسبوعبين. فى احيان كثيرة،كانت تقضى الاعياد بمفردها، تتناول الطعام بمفردها، وهى قد أعتدت على هذه الوحده التى اصبحت بمثابة الصديقة لها.وتتذكرايضاً ايام المدرسة والجامعة وتفوقها فى الدراسة وتتذكر الشاب الذى احببته ولكن ظروف الحياة القاسية اجبرتهما على الفراق وكذلك صديقاتها التى تزوجت كل منهن وانشغلت كل منهن فى حياتها واصبحن لا يلتقين الا نادراُ كلما سنحت لهن الظروف.ونظرت الى السماء و حياتها تمر امامها كشريط سينما. وظلت تتأمل وتفكرولم تفيق من شرودها الا عندما احست بطعم الملح بفيها،فقد افاقت على دموعها المنهمرة من عيونها وبغصة فى حلقها ولم تعد تشعر بالسعادة كما فى المرات السابقة عندما كانت تحتفل بعيد مولدها.فها هو اليوم التى اصبحت فيه عانساً ذات الاربعين عاماً.

بسنت عادل

هناك تعليقان (2):

marwaabdalhamid يقول...

بسم الله الرحمن ا لرحيم
دموعى متحجرة بعيونى يا ا/بسنت حقيقي قصة موجعة للقلب الذى يحس هذا الوجع و يعيشه
فأنا اخاف أن يأتى هذا اليوم

bashob يقول...

حضرتك اسمك بسنت عادل وكمان بتكتبى قصص يامحاسن الصدف جميلة جدا وبالتوفيق وعلى فكرة اان ليا قصة ليها نفس العنوان بس مختلفة تماماواسمى بردو بسنت عادل